الاثنين، 4 أغسطس 2014

تفسير سورة الليل

92-تفسير سورة و الليل-و هي مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ﮖ  ﮗ     ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ     ﮜ  ﮝ  ﮞ  ﮟ  ﮠ       ﮡ   ﮢ
   ﮣ    ﮤ  ﮥ    ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪ  ﮫ  ﮬ  ﮭ    ﮮ   ﮯ  ﮰ  ﮱ
ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ   ﯚ  ﯛ  ﯜ    ﯝ
  ﯞ  ﯟ    ﯠ   ﯡ  ﯢ    ﯣ  ﯤ
ﯥ    ﯦ   ﯧ      ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ  ﯭ  ﯮ  ﯯ  ﯰ  ﯱ
هذا قسم من الله بالزمان الذي تقع فيه أفعال العباد على تفاوت أحوالهم، فقال: (ﮖ  ﮗ     ﮘ  )
 أي: يعم  الخلق بظلامه، فيسكن كل إلى مأواه و مسكنه،
 و يستريح العباد من الكد و التعب.
(
ﮚ  ﮛ     ﮜ  )
 للخلق، فاستضاءوا بنوره، و انتشروا في مصالحهم.
(
ﮟ  ﮠ       ﮡ   )
 1-إن كانت « ما » موصولة، كان إقسامًا بنفسه الكريمة الموصوفة،
بأنه خالق الذكور و الإناث،
2-و إن كانت مصدرية، كان قسمًا بخلقه للذكر والأنثى،
و كمال حكمته في ذلك أن خلق من كل صنف من الحيوانات التي يريد بقاءها ذكرًا و أنثى، ليبقى النوع و لا يضمحل،
و قاد كلا منهما إلى الآخر بسلسلة الشهوة،
و جعل كلا منهما مناسبًا للآخر، فتبارك الله أحسن الخالقين.
*** كَقَوْلِهِ: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} [النَّبَأِ: 8] ،
وَ كَقَوْلِهِ: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذَّارِيَاتِ: 49] .
وَ لَمَّا كَانَ الْقَسَمُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُتَضَادَّةِ كَانَ الْقَسَمُ عَلَيْهِ أَيْضًا مُتَضَادًّا؛
وَ لِهَذَا قَالَ: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}
أَيْ: أَعْمَالُ الْعِبَادِ الَّتِي اكْتَسَبُوهَا مُتَضَادَّةٌ أَيْضًا وَمُتَخَالِفَةٌ،
 فَمِنْ فَاعِلٍ خَيْرًا وَ مِنْ فَاعِلٍ شَرًّا.
و قوله: (ﮣ    ﮤ  ﮥ    )
هذا  هو  المقسم عليه أي:
 إن سعيكم أيها المكلفون لمتفاوت تفاوتا كثيًرا،
و ذلك بحسب تفاوت نفس الأعمال ومقدارها والنشاط فيها،
و بحسب الغاية المقصودة بتلك الأعمال،
هل هو وجه الله الأعلى الباقي؟
فيبقى السعي له ببقائه، و ينتفع به صاحبه،
أم هي غاية مضمحلة فانية، فيبطل السعي ببطلانها، و يضمحل باضمحلالها؟
و هذا كل عمل يقصد به غير وجه الله تعالى، بهذا الوصف،
و لهذا فصل الله تعالى العاملين، و وصف أعمالهم، فقال:
(ﮧ  ﮨ  ﮩ  )
 أي ما أمر به من العبادات المالية:-
 كالزكوات، والكفارات و النفقات، و الصدقات، و الإنفاق في وجوه الخير،
و العبادات البدنية:-
 كالصلاة، و الصوم و نحوهما
و المركبة منهما:-
 كالحج و العمرة  و نحوهما
  (ﮪ  )
ما نهي عنه، من المحرمات و المعاصي، على اختلاف أجناسها.
(
ﮬ  ﮭ    )
أي: صدق بـ « لا إله إلا الله » و ما دلت عليه،
 من جميع العقائد الدينية، و ما ترتب عليها من الجزاء الأخروي.
(
ﮯ  ﮰ  )
 أي: نسهل عليه أمره، و نجعله ميسرا له كل خير، ميسرًا له ترك كل شر،
لأنه أتى بأسباب التيسير، فيسر الله له ذلك.
(
ﯓ  ﯔ  ﯕ  )
بما أمر به، فترك الإنفاق الواجب و المستحب،
 و لم تسمح نفسه بأداء ما وجب لله،
(ﯖ  )
عن الله، فترك عبوديته جانبًا،
و لم ير نفسه مفتقرة غاية الافتقار إلى ربها،
الذي لا نجاة لها و لا فوز و لا فلاح، إلا بأن يكون هو محبوبها و معبودها،
 الذي تقصده و تتوجه إليه.
(
ﯘ  ﯙ   )
أي: بما أوجب الله على العباد التصديق به من العقائد الحسنة.
(
ﯛ  ﯜ    )
 أي: للحالة العسرة، و الخصال الذميمة،
بأن يكون ميسرًا للشر أينما كان،
 ومقيضًا له أفعال المعاصي، نسأل الله العافية.
***لطريق الشر كَمَا قَالَ تَعَالَى:
{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الْأَنْعَامِ: 11]
وَ الْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ دَالَّةٌ :
عَلَى أَنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، يُجازي مَنْ قَصَدَ الْخَيْرَ بِالتَّوْفِيقِ لَهُ،
وَ مَنْ قَصَدَ الشَّرَّ بِالْخِذْلَانِ.
وَ كُلُّ ذَلِكَ بِقَدَرٍ مُقدّر، وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ:
*** صحيح البخاري
4945 - عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ rفِي بَقِيعِ الغَرْقَدِ فِي جَنَازَةٍ، فَقَالَ:
«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَ قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ،
 وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ»،
 فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ؟
فَقَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ» ثُمَّ قَرَأَ:
{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} [الليل: 6] إِلَى قَوْلِهِ
 {لِلْعُسْرَى} [الليل: 10]،
وتتمة الآيات {فسنيسره لليسرى} وهي العمل الذي يرضاه الله تعالى
 {وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى. فسنيسره للعسرى}
 أي والذي أمسك عن الإنفاق واستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة ولم يصدق بجزيل الأجر والعطاء عند الله عز وجل فإننا نمهد له الطريق الموصل إلى الشقاوة حسبما اختار لنفسه.
(ﯞ  ﯟ    ﯠ   ﯡ  )
الذي أطغاه واستغنى به، وبخل به
(ﯢ    ﯣ  )
إذا هلك و مات، فإنه لا يصحبه إلا عمله الصالح .
و أما ماله  الذي لم يخرج منه الواجب فإنه يكون وبالا عليه،
إذ لم يقدم منه لآخرته شيئًا.
*** إِذَا تَرَدَّى فِي النَّارِ.
(
ﯥ    ﯦ   ﯧ      )
أي: إن الهدى المستقيم طريقه، يوصل إلى الله، و يدني من رضاه،
و أما الضلال، فطرق مسدودة عن الله،
لا توصل صاحبها إلا للعذاب الشديد.
***نُبَيِّنُ الحلالَ و الحرامَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ سَلك طَرِيقَ الْهُدَى وَصَل إِلَى اللَّهِ. وَ جَعَلَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} [النَّحْلِ: 9] .
(ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ  )
ملكًا و تصرفًا، ليس له فيهما مشارك،
فليرغب الراغبون إليه في الطلب، و لينقطع رجاؤهم عن المخلوقين.
(
ﯮ  ﯯ  ﯰ  )
أي: تستعر و تتوقد.
***سنن الدارمي
2854 - عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ rيَخْطُبُ فَقَالَ: «أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ، أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ، أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ»
فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى لَوْ كَانَ فِي مَقَامِي هَذَا، لَسَمِعَهُ أَهْلُ السُّوقِ،
حَتَّى سَقَطَتْ خَمِيصَةٌ كَانَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ
***صحيح البخاري
6561 - عن النُّعْمَانَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ rيَقُولُ:
«إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ، تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ، يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ»([1])





[1] (أخمص قدميه) المتجافي عن الأرض من الرجل عند المشي.
(جمرة) قطعة من النار ملتهبة]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Unordered List