الجمعة، 31 يناير 2014

معني و لا يجرمنكم شنان قوم ان صدوكم عن المسجد الحرام

(ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ  )
أي: لا يحملنكم بغض قوم و عداوتهم و اعتداؤهم عليكم،
(ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ    ﯩ  ﯪ  ﯫ  )
حيث صدوكم عن المسجد، على الاعتداء عليهم، طلبا للاشتفاء منهم،
فإن العبد عليه أن يلتزم أمر الله، و يسلك طريق العدل،
و لو جُنِي عليه أو ظلم و اعتدي عليه،
فلا يحل له أن يكذب على من كذب عليه، أو يخون من خانه. 

الثلاثاء، 28 يناير 2014

الدنيا ......شعر جميل

النفس تبكي على الدنيا وقد علمت..... أن السلامة فيها تــــرك مـا فيهــا
لا دار للمرء بعد الـمـوت يسكنهـا.... إلا التي كان قبل المـــوت يبنيهــا
فإن بناهــا بخيــر طــاب مسكنهــا.... وإن بناهــــا بشــر خــاب بانيهــا
أموالــنــا لذوي الميراث نجمعهــا ودورنــــا لخراب الدهـــر نبنيهــا
كم من مدائن في الأفــاق قد بنيت... أمست خراب و أفنى الموت أهليها
أين الملوك التي كـانت مسلطنة ؟.... حتى سقاها بكأس المــوت ساقيها
إن المكــارم أخـــــــلاق مطـهرة الديــــن... أولهــا و العقل ثـانيهــــا
والعـلم ثـــالثها و الحلـم رابعهــا... و الجود خامسهــا والفضل باقيهــا
لا تركنن إلى الدنيــا و مـا فيهــا ...فالمــوت لا شـك يفنينا و يفنيهـــا
وأعمل لدار غد رضوان خاذنهـا... و الجارأحمد والرحمــن نــاشيهـا
قصورها ذهب و المسك طينتهـا ...و الزعفران حشيش نابت فيهـــا
أنهارها لبن مصفى و من عسل ...والخمر يجري رحيقا في مجاريها
و الطير تجري على الغصان عـ ـاكفة ...تسبح الله جهرا ً في مغانيها
فمن يشتري الدار في الفردوس يعمرها ...بركعة في ظلام الليل يُحيها

الأحد، 26 يناير 2014

استغلال الاعداء لثغرة من ثغرات بني آدم لينالوا منا -نقلا من أضواء البيان و أنا اتصفح الكتاب

وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ الْآيَةَ [14 \ 22] .
وَلِقَدْ عَلِمَ عَدُوُّ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَخْطَرَ سِلَاحٍ عَلَى الْإِنْسَانِ هُوَ الشَّكُّ وَلَا طَرِيقَ إِلَيْهِ إِلَّا بِالْوَسْوَسَةِ،
فَأَخَذَ عَنْ إِبْلِيسَ مُهِمَّتَهُ وَرَاحَ يُوَسْوِسُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ وَفِي دُنْيَاهُمْ،
 وَيُشَكِّكُهُمْ فِي قُدْرَتِهِمْ عَلَى الْحَيَاةِ الْكَرِيمَةِ مُسْتَقِلِّينَ عَنْهُ،
وَيُشَكِّكُهُمْ فِي قُدْرَتِهِمْ عَلَى التَّقَدُّمِ وَالِاسْتِقْلَالِ الْحَقِيقِيِّ،
 بَلْ وَفِي اسْتِطَاعَتِهِمْ عَلَى الْإِبْدَاعِ وَالِاخْتِرَاعِ،
 لِيَظَلُّوا فِي فَلَكِهِ وَدَائِرَةِ نُفُوذِهِ،
 فَيَبْقَى الْمُسْلِمُونَ يَدُورُونَ فِي حَلْقَةٍ مُفْرَغَةٍ، يُقَدِّمُونَ رِجْلًا وَيُؤَخِّرُونَ أُخْرَى.
وَالْمُتَشَكِّكُ فِي نَتِيجَةِ عَمَلٍ لَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ أَبَدًا،
 بَلْ مَا يَبْنِيهِ الْيَوْمَ يَهْدِمُهُ غَدًا،
 وَقَدْ أَعْلَنَ عَنْ هَذِهِ النَّتِيجَةِ الْخَطِيرَةِ رَئِيسُ مُؤْتَمَرِ الْمُسْتَشْرِقِينَ فِي الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ، مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ عَامًا، حِينَمَا انْعَقَدَ الْمُؤْتَمَرُ فِي (بَيْرُوتَ) لِعَرْضِ نَتَائِجِ أَعْمَالِهِمْ وَدِرَاسَةِ أَسَالِيبِ تَبْشِيرِهِمْ.
فَتَشَكَّى الْمُؤْتَمِرُونَ مِنْ أَنَّ لَهُمْ زُهَاءَ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ عَمَلِهِمُ الْمُتَوَاصِلِ، لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُنَصِّرُوا مُسْلِمًا وَاحِدًا،
فَقَالَ رَئِيسُ الْمُؤْتَمَرِ: إِذَا لَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نُنَصِّرَ مُسْلِمًا،
وَلَكِنِ اسْتَطَعْنَا أَنْ نُوجِدَ ذَبْذَبَةً فِي الرَّأْيِ، فَقَدْ نَجَحْنَا فِي عَمَلِنَا.
وَهَكَذَا مَنْهَجُ الْعَدُوِّ،
 تَشْكِيكٌ فِي قَضَايَا الْإِسْلَامِ لِيُوجِدَ ذَبْذَبَةً فِي عَقِيدَةِ الْمُسْلِمِينَ،
 فَعَنْ طَرِيقِ الْمِيرَاثِ تَارَةً،
 وَعَنْ طَرِيقِ تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ أُخْرَى،
 وَعَنْ دَوَافِعِ الْقِتَالِ،
 وَعَنِ اسْتِرْقَاقِ الرَّقِيقِ، 
وَعَنْ وَعَنْ.
حَتَّى وُجِدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَتَخَطَّى حُدُودَ الشَّكِّ إِلَى التَّصْدِيقِ، وَأَخَذَ يَدْعُو إِلَى مَا يَدْعُو إِلَيْهِ الْعَدُوُّ، وَمَا ذَاكَ كُلُّهُ إِلَّا حَصَادُ وَنَتَائِجُ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ.

ماذا نصنع عند الفتن

***موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ت حسين أسد
1862عَنْ أبي ذَرٍّ قَالَ: رَكبَ رَسُولُ الله -r-حِمَاراً وَ أَرْدَفَنِي خَلْفَهُ ثُمَّ قَالَ: "أبَا ذَرٍّ، أرَأيْتَ إِنْ أَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ شَدِيدٌ
حَتَّى لا تَسْتَطِيعَ أنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ كيف تصنع ".
قُلْتُ: اللهُ وَ رَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: "تَعَفَّفْ".
قَالَ: "يَا أبَا ذَرٍّ، أرَأيْتَ إِنْ أصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ شَدِيدٌ حَتَّى يَكُونَ الْبَيْتُ فيه بِالْعَبْدِ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ ".
قَالَ: الله وَ رَسُولُهُ أعْلَمُ.
قَالَ: "اصبر يَا أَبَا ذَرٍّ.
أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضاً حَتَّى تغرق حِجَارَةُ الزَّيْتِ فِي الدِّمَاءِ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ ".
قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: "أقْعُدَ فِي بيْتِكَ وَ أغْلِقْ عَلَيْكَ بَابَكَ".
قَالَ: أرَأيْتَ إِنْ بن أتْرَكْ،
قَالَ: "ائْتِ مَنْ أنْتَ مِنْهُ، فَكُنْ فِيهِمْ".
قَالَ: فَآخُذُ سِلاحِي؟.
قَالَ: "إذاً تُشَارِكُهُمْ
وَ لكِنْ إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَرُوعَكَ شُعَاعُ السَّيفِ
فَألْقِ طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ، يَبُؤْ بِإِثْمِكَ وَ إِثْمِهِ" 

السبت، 25 يناير 2014

شرح الآية -لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم

  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ    ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ ﭚ  ﭛ  ﭝ   ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ
ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧ    ﭨ  ﭩ   ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ    ﭮ  ﭯ
(  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ    ﭖ  ﭗ  ﭘ  )
يخبر تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول، أي:-
 يبغض ذلك و يمقته و يعاقب عليه،
و يشمل ذلك جميع الأقوال السيئة التي تسوء و تحزن، كـــــــــــــــــــــــــــــ:-
[الشتـــــــــــــــــــــــــــــم و القـــــــــــــــــــــــــــــذف و الســـــــــــــــــــــــــــــب و نحو ذلك]
فإن ذلك كله من المنهي عنه الذي يبغضه الله.
و يدل مفهومها أنه يحب الحسن من القول كالذكر و الكلام الطيب اللين.
وقوله: (
ﭙ ﭚ  ﭛ  )
أي: فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه و يتشكى منه،
و يجهر بالسوء لمن جهر له به، من غيـــــــــــــــــــــــــــــر أن :-
1-يكـــــــــــــــــــــــــــــذب عليه
2-و لا يـــــــــــــــــــــــــــــزيد على مظلمته،
3-و لا يتعدى بشتمه غير ظالمه،
و مع ذلك فعفوه و عـدم مقابلته أولى، كما قـال تعالى:
(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)
*** صحيح مسلم
 (2587) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ:
«الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ، مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ»([1])
***قَالَ هُوَ الرَّجُلُ يَنْزِلُ بِالرَّجُلِ فَلَا يُحْسِنُ ضِيَافَتَهُ، فَيَخْرُجُ فَيَقُولُ:
"أَسَاءَ ضِيَافَتِي، وَ لَمْ يُحْسِنْ".
وَ فِي رِوَايَةٍ هُوَ الضَّيْفُ الْمُحَوَّلُ رحلُه، فَإِنَّهُ يَجْهَرُ لِصَاحِبِهِ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ.
***صحيح مسلم
1727- عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ،:-
إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَنَا، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ r:
«إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ، فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا، فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ»
و من هذا القبيل الحديث المروي:
***سنن أبي داود
5153 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ rيَشْكُو جَارَهُ، فَقَالَ:- «اذْهَبْ فَاصْبِرْ» فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا،
فَقَالَ: «اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ» فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ،
فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ،
فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِ، وَ فَعَلَ، وَ فَعَلَ،
فَجَاءَ إِلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ لَهُ:-
ارْجِعْ لَا تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ
(ﭝ   ﭞ  ﭟ  ﭠ  )
ولما كانت الآية قد اشتملت على الكلام السيئ و الحسن و المباح،
أخبر تعالى أنه (ﭟ  ) فيسمع أقوالكم،
فاحذروا أن تتكلموا بما يغضب ربكم فيعاقبكم على ذلك.
و فيه أيضا ترغيب على القول الحسن.
(ﭠ  ) بنياتكم و مصدر أقوالكم.
ثم قال تعالى: (
ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦ  )
و هذا يشمل كل خير قوليّ و فعليّ، ظاهر و باطن،من واجب و مستحب.
(
ﭧ    ﭨ  ﭩ   ﭪ  )
أي: عمن ساءكم في أبدانكم و أموالكم و أعراضكم،
فتسمحوا عنه، فإن الجزاء من جنس العمل.
فمن عفا لله عفا الله عنه، و من أحسن أحسن الله إليه،
فلهذا قال: (ﭫ  ﭬ  ﭭ    ﭮ  ﭯ)
أي: يعفو عن زلات عباده و ذنوبهم العظيمة فيسدل عليهم ستره،
ثم يعاملهم بعفوه التام الصادر عن قدرته.
mو في هذه الآية إرشاد إلى التفقه في معاني أسماء الله و صفاته،
و أن الخلق و الأمر صادر عنها، و هي مقتضية له،
و لهذا يعلل الأحكام بالأسماء الحسنى، كما في هذه الآية.
لما ذكر عمل الخير و العفو عن المسيء رتب على ذلك:-
بأن أحالنا على معرفة أسمائه و أن ذلك يغنينا عن ذكر ثوابها الخاص.
***صحيح مسلم
(2588) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ r قَالَ:
«مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَ مَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ، إِلَّا عِزًّا،
وَ مَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ»([2])




[1] (المستبان ما قالا) معناه أن إثم السباب الواقع من اثنين مختص بالبادئ منهما كله إلا أن يتجاوز الثاني قدر الانتصار فيقول للبادئ أكثر مما قال له]
[2]  (ما نقصت صدقة من مال) ذكروا فيه وجهين أحدهما معناه أنه يبارك فيه ويدفع عنه المضرات فينجبر نقص الصورة بالبركة الخفية وهذا مدرك بالحس والعادة والثاني أنه وإن نقصت صورته كان في الثواب المرتب عليه جبر لنقصه وزيادة إلى أضعاف كثيرة (وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا) فيه أيضا وجهان أحدهما على ظاهره ومن عرف بالعفو والصفح ساد وعظم في القلوب وزاد عزه وإكرامه والثاني أن المراد أجره في الآخرة وعزه هناك (وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) فيه أيضا وجهان أحدهما يرفعه في الدنيا ويثبت له بتواضعه في القلوب منزلة ويرفعه الله عند الناس ويجل مكانه والثاني أن المراد ثوابه في الآخرة ورفعه فيها بتواضعه في الدنيا قال العلماء وهذه الأوجه في الألفاظ الثلاثة موجودة في العادة معروفة وقد يكون المراد الوجهين معا في جميعها في الدنيا والآخرة]

الجمعة، 24 يناير 2014

اسباب سقوط الدولة العثمانية نقلا من مفكرة الاسلام

مرحلة النشأة والتكوين: من سنة 699هـ حتى سنة  805هـ:
1300 م - 1402 م حوالي((102 عام ))
وتناوب فيها أربعة سلاطين، أولهم عثمان الأول ورابعهم بايزيد الصاعقة،
 وحاولوا خلال هذه الفترة ترسيخ قواعد الدولة في الأناضول،
 وتوحيد الإمارات المتنافرة فيها، ثم الاتساع في أوروبا،
ولكن هذه المرحلة اختتمت بصدمة تيمورلنك القاسية للدولة العثمانية في معركة سهل أنقرة سنة 805هـ، والتي انتهت بتفكك الدولة وعودتها إلى المربع رقم واحد مرة أخرى، وظلت متفرقة حتى سنة 816هـ.
مرحلة النهوض و الفتح: من سنة 816 هـ حتى سنة 918هـ:
1413م-1512م ((99 عام)
وفيها قامت الدولة من كبوة الاكتساح التيموري،
وأخذت في النهوض من نفق التشرذم،
 واستعادت عافيتها، واتحد الأناضول مرة أخرى،
وبدأت في التوسع على الجبهة الأوروبية في عهد مراد الثاني،
ثم توجت تلك المرحلة بالفتح الأعظم للقسطنطينية سنة 857هـ،
في عهد محمد الثاني الذي لقب بعدها بالفاتح،
 وقد بلغت الدولة في عهده مكانة عظيمة،
 وكان سقوط القسطنطينية يمثل خاتمة العصور الوسطى.
مرحلة الخلافة و أوج القوة: من سنة 918 هـ حتى سنة 974هـ:
1512 م- 1566 م(حوالي 54 عام))
وفيها تناوب عليها اثنان فقط من السلاطين «سليم الأول» وولده «سليمان القانوني»،
 وبلغت الدولة العثمانية أوج قوتها، وانتقلت من الدولة الإقليمية للخلافة الإسلامية،
واتسعت لتشمل الجزيرة العربية والحجاز واليمن والمغرب العربي،
وعلى الجبهة الأوروبية وصلت حتى بولندا والبلقان كله تقريبًا،
 ووصلت الجيوش العثمانية إلى أسوار فينيا،
 وسيطرت الدولة العثمانية بصورة شبه كاملة على البحار والمضايق،
 ولكن شهد هذا العصر بداية دخول اليهود واستوطانهم بأقاليم الخلافة،
 وبداية عصر الامتيازات الأجنبية،
 وكلا الأمرين سيكون له تأثير كبير في إضعاف الدولة العثمانية فيما بعد.
مرحلة الضعف الطويلة: من سنة 974هـ حتى سنة 1171هـ:
156 م-1578 م(حوالي 192 عام))
وفيها تناوب على الدولة خمسة عشر سلطانًا، أولهم سليم الثاني وآخرهم عثمان الثالث،
وكانت السمة الغالبة لهذه المرحلة الطويلة «قرابة قرنين من الزمان» سيطرة قادة الجنود الإنكشارية على مقاليد الأمور، وامتداد أيديهم إلى الخلفاء بالعزل والتولية وحتى القتل،
وقد قويت شوكتهم وكثرت ثوراتهم، وفسدت أخلاقهم بشدة،
 وأصبح بأسهم على الأمة بدلاً من عدوها،
واتصفت هذه المرحلة بانحسار المد الجهادي في أوروبا،
 وظهور عدد من القوى الجديدة مثل روسيا والنمسا اللتين حملتا لواء محاربة الدولة العثمانية بصورة شبه دائمة، واتصفت هذه المرحلة أيضًا بكثرة الاتفاقيات مع الدول الأجنبية،
 والتي أصبحت قيدًا ثقيلاً بعد ذلك على الدولة العثمانية،
 كما كثرت الثورات الداخلية من ولاة الأقاليم الذين شعروا بضعف قبضة الخلافة عليهم،
 فثاروا بغية الاستقلال بما تحت أيديهم 
مثل ثورة أباظة باشا بالأناضول،
وثورة فخر الدين المعنى بلبنان،
وكان الذي ساعد على بقاء الدولة صامدة طوال فترة هذه المرحلة مع طولها وضعفها، وجود رجال أكفاء أقوياء في منصب الصدر الأعظم «رئيس الحكومة» أمثال محمد الصقلي، سنان باشا، آل كوبريلي.
مرحلة الانحطاط و التراجع: من سنة 1171هـ حتى سنة 1327هـ:
1578م -1909م((حوال 151 عام))
وتناوب فيها على حكم البلاد تسعة سلاطين،
 أولهم مصطفى الثالث وآخرهم عبد الحميد الثاني وهو أفضلهم وأعظمهم،
 وكانت هذه المرحلة امتدادًا طبيعيًا لمرحلة الضعف السابقة، والتي ترهلت فيها الدولة بشدة، وقد اتصفت هذه المرحلة بأمور هامة وخطيرة، منها:-
1- توحد الجهود الصليبية الأوروبية ضد الدولة العثمانية في صورة تحالف صليبي ظاهر وبين ،
2- دخول المحافل الماسونية والأفكار العلمانية والتغريبية والقومية إلى بلاد الدولة العثمانية،
3- كثرة الفتن الطائفية والعرقية في الشام واليونان والأرمن،
***ظهور الدعوة السلفية كطوق نجاة لإنقاذ المسلمين،***
4- ظهور أسرة محمد علي وما كان له من دور خطير في تمزيق الدولة العثمانية،
5-ضياع معظم أجزاء الدولة العثمانية في آسيا الوسطى لصالح الروس،
6-قيام فكرة القومية التركية أو الطورانية وفي مقابلها ظهرت القومية العربية،
 مما أدى لظهور حركة الاتحاد والترقي الماسونية،
7- بداية محاولات اليهود لشراء فلسطين وتصدي السلطان العظيم عبد الحميد الثاني لهذه المحاولات،
 مما أدى لتآمر اليهود وصنائعهم عليه حتى عزلوه،
وسيطرة حالة عامة من الهزيمة النفسية عند العثمانيين بسبب كثرة الهزائم والمؤامرات.
مرحلة حكم الاتحاد و الترقي: من سنة 1328هـ حتى سنة 1340هـ:
1910م-1921م((حوالي 11 عام))
وهي المرحلة التي بدأت فيها كل مجهودات أعداء الإسلام والدولة العثمانية تدخل حيز التنفيذ،
ففي خلال اثنتي عشرة سنة فقط خسرت الدولة العثمانية كل ولاياتها في البلقان والعراق والشام وإفريقيا ودخلت الحرب العالمية الأولى بلا داع، خسرت فيها مئات الآلاف من الجنود،
واندلعت الثورة العربية بزعامة أمير مكة الشريف حسين،
 واحتلت إنجلترا فلسطين تمهيدًا لتقديمها غنيمة باردة لليهود.
مرحلة السقوط: من سنة 1340هـ حتى سنة 1342هـ:
1921 م-1923 م ((حوالي عامان))
وهي أقصر المراحل، إذ كان يقتصر دورها على العميل الخائن الذي سيطلق الرصاصة الأخيرة على قلب الدولة العثمانية المثخنة بالجراح والتي أصبحت في حالة الغرغرة،
 وهذه المرحلة التي لم تستمر سوى عامين،
قام صنيعة الاستعمار الأوروبي، الرجل الصنم «أتاتورك»، في 27 رجب 1343هـ ـ 3 مارس 1924م بإعلان سقوط الخلافة العثمانية،
 وطرد بني عثمان من البلاد،
 وقيام الجمهورية العلمانية في أشد صور العلمنة شراسة،
 وقطع أي صلة مع الماضي والإسلام،
وبذلك سقطت واحدة من أقوى وأطول الدول الإسلامية على مر تاريخ هذه الأمة.
ومن خلال هذا العرض السريع لتاريخ الدولة العثمانية بمراحلها المختلفة، يتضح لنا أن أسباب سقوط هذه الدولة العريقة ينقسم لأسباب داخلية وأخرى خارجية.
(((((أولاً: الأسباب الداخلية:)))))
(1) مخالفة شرع الله عز وجل:-
 ومنهج الإسلام في الحياة، فعندما كانت الدولة العثمانية متمسكة بهذا المنهج الرباني،
 فتحت القسطنطينية، والبلقان، وتوسعت حتى بولندا،
 وعندما كانت العاطفة الإسلامية قوية ومتقدة،
 ظلت رايات الجهاد خفاقة، والعز والتمكين بإقامة شريعة الجهاد على الدوام،
 ولما فسدت الأخلاق وانحرفت النوايا،
 وحرص الكبير والصغير على الدنيا وجمع الأموال انهار الصرح العظيم.
(2) إهمال اللغة العربية التي هي لغة القرآن والحديث والعلوم الشرعية.
(3) ترك القادة العسكريين يجاوزون مداهم ويتدخلون في شئون الحكم.
(4) نظام الحكم القائم على التخلص من أي شخص يمكن أن ينافس المرشح للخلافة:-
 ومن هذا الباب ظهرت فكرة قتل الإخوة طيلة قرنين من الزمان «813 هـ ـ 1003هـ»
ثم استبدلت بعزل الإخوة مع الحريم، وأيضًا نظام تعيين الولاة الذي يمنع من أن يمكث أي والي مهما كان صلاحه لأكثر من 3 سنوات.
(5) ترك الدعوة للإسلام في البلاد المفتوحة:-
 والاكتفاء منها بالخضوع للدولة العثمانية، وقد مثلت هذه الشعوب قنابل موقوتة معدة للانفجار في الوقت المناسب.
(6) انتشار الطرق الصوفية:-
 وما استتبع ذلك من شيوع البدع والانحرافات والخرافات، وفساد العقيدة،
حتى اعتقد الناس في الحجر والشجر وحتى مدافع الميدان،
 كما حدث مع مدفع مراد الثاني في بغداد، والذي كان ينذر الناس إليه ويطوفون به،
 وقد ألف العلامة الألوسي رسالة أسماها «القول الأنفع في الردع عن زيارة المدفع».
(7) غياب العلماء والقادة الربانيين :-
مما أدى لجمود الحالة العلمية وسد باب الاجتهاد والتعصب المذهبي.
(8) الترف والانغماس في الشهوات والزواج من الأجنبيات اللاتي يكون ولاؤهن لبلادهن الأصلية:-
 وربما تآمروا على الدولة العثمانية كما حدث من الأفعى الروسية اليهودية «روكسلان».
(((((ثانيًا: الأسباب الخارجية:))))))
(1) الحروب الصليبية:-
 والتي لم تنقطع يومًا على مدار ستة قرون عمر مدة الدولة العثمانية، والتي أخذت في الازدياد والاشتداد بعد فتح القسطنطينية سنة 857هـ،
وكان كرسي البابوية هو المسئول الأساسي وراء تحريك هذه الحروب،
ومع ضعف الدولة العثمانية وتقدم أوروبا صناعيًا، ازدادت الحرب الصليبية شراسة وحدة،
 وفي هذا المقام نستحضر مقولة القائد الإنجليزي «اللنبي» عندما استولى على مدينة القدس سنة 1915م: «الآن انتهت الحروب الصليبية».
(2) العملاء والخونة
وهم الطابور الخامس الذي قام أعداء الدولة العثمانية بإعدادهم ودسهم في صفوف الشعب،
وبعضهم تبوأ مناصب هامة وحساسة،
بل بعضهم وصل لمنصب الصدارة العظمى، أعلى منصب في الدولة العثمانية،
وهؤلاء تولوا تدمير الدولة بالنيابة عن أعدائها، وما :-
علي بك الكبير، محمد علي ، مدحت باشا، فخر الدين المعنى و أولاده، رشيد باشا،
 و رجال الاتحاد والترقي، إلا نماذج مختلفة من العملاء،
 ويعتبر مصطفى كمال أتاتورك هو كبير هؤلاء الخونة والعملاء.
(3) نشاط الفرق المنحرفة:-
 و معظمها تم بذره وزرعه بأيدي خارجية، ومنها ما هو قديم أحسن أعداء الإسلام توظيفه واستخدامه مثل الشيعة بفرقها المختلفة، وعلى رأسها:-
1- الاثنا عشرية
2- والدروز
3-و النصيرية،
4-و لقد كانت الدولة الصفوية الشيعية أضر على المسلمين
 و على الدولة العثمانية من الصليبيين و اليهود،
 و أيضًا كانت ثورات الدروز و النصيرين بلبنان و الشام سببًا مباشرًا في إضعاف الدولة العثمانية.
و بالجملة فإن السبب الرئيسي لسقوط الدولة العثمانية هو تخليها عن أهم مقومات قيامها وبقائها
 و هو إعلاء كلمة الله بالجهاد في سبيل الله، 
و تنحية شرع الله عز وجل من كثير من مناحي الحياة،
 و عندها حق على الدولة القول،
و بلغت أجلها المكتوب و عمرها المضروب،
 فانتهت وذهبت كما حدث مع الأمم السابقة 
و سبحان الحي الذي لا يموت.

الأحد، 19 يناير 2014

الاعجاز العلمي في سورة البروج

 الاعجاز في (و السماء ذات البروج)
البروج الكونية
ما هي حقيقة البروج الكونية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ماذا يقول علماء القرن الحادي والعشرين؟
وماذا يقول القرآن الذي نزل في القرن السابع الميلادي؟ 
لنقرأ ونـتأمل ونتدبر هذه الآيات العظيمة...
 يقول تبارك وتعالى في محكم الذكر:
 (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [غافر: 64].
سوف نعيش في رحاب هذه الآية الكريمة وما تحويه من معجزات كونية مبهرة، وهذه المعجزات أيها الأحبة لم تتضح إلا حديثاً جداً في القرن الحادي والعشرين، وقد أودع الله تبارك وتعالى هذه المعجزات في آيات كتابه لتكون دليلاً على صدق هذا الكتاب، والله تبارك وتعالى هو القائل:
 (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت: 53].
 ولكن قبل ذلك دعونا نأخذ فكرة عن الكون، وما يحويه من بناء محكم ومجرات لا يعلم عددها إلا الله تعالى، وغبار كوني ودخان كوني ومادة مظلمة لا يعلم طبيعتها إلا الخالق تبارك وتعالى.
ففي البداية..
طالما نظر الناس إلى كوننا على أنه كون ثابت،
 وأن الأرض التي نعيش عليها هي في مركز الكون،
وأن الشمس والقمر والكواكب والنجوم تدور حول هذه الأرض، وهكذا تصور العلماء الكون على أنه كون ثابت
وأن الأرض تقع في مركز الكون وهي ثابتة لا تتحرك،
وأن النجوم تدور حولها في أفلاكها.
عندما جاء العصر الحديث، اكتشف العلماء أن كل ما نراه من نجوم في السماء هو جزء ضئيل من مجرتنا درب التبانة.
هذه النجوم التي نراها في السماء بالعين المجردة هي جزء من هذه المجرة والمجرة هي تجمع من النجوم يحوي مئات البلايين من النجوم.
وبعد ذلك اخترع العلماء العدسات المقربة أو التلسكوبات فاستطاعوا أن ينظروا خارج مجرتنا،
 فرأوا أن الكون يزهر بالمجرات، وقدروا عدد هذه المجرات بأكثر من مائة ألف مليون مجرة كلها تسبح في هذا الكون الواسع بنظام دقيق. (((100.000 مليون مجرة)))
ولكن في البداية ظن العلماء أن هنالك فضاءً كونياً كبيراً، واعتبروا أن المسافات التي بين النجوم والمجرات فارغة لا تحوي شيئاً ولذلك أطلقوا مصطلح Space أي "فضاء"
 ولكن بعد ذلك تبين لهم أن هذا الفضاء ليس فضاءً بكل معنى الكلمة، اكتشفوا وجود مادة مظلمة تملأ الكون،
 حتى إن بعض الحسابات تخبرنا بأن نسبة المادة المظلمة
والطاقة المظلمة وهي مادة غير مرئية لا نراها ولا نعرف عنها شيئاً تشغل من الكون أكثر من 96 %
والمادة المرئية والطاقة المرئية أيضاً الطاقة العادية يعني لا تشغل إلا أقل من 4 % من حجم هذا الكون.
لقد بدأ العلماء يكتشفون بنية معقدة لهذا الكون،
فاكتشفوا بأن المجرات تتوضع على خيوط دقيقة وطويلة تشبه نسيج العنكبوت،
 واكتشفوا أيضاً أن المادة المظلمة تنتشر في كل مكان وتسيطر على توزع المجرات في الكون.
وبعد ذلك أدركوا أنه لا يوجد أي فراغ في هذا الكون
 فأطلقوا كلمة Building أي "بناء" على هذا الكون،
وهذه الكلمة جديدة عليهم لأنهم رؤوا في هذا الكون بالفعل بناءً محكماً،
ولكن هذه المعلومة ليست جديدة على كتاب الله تبارك وتعالى، فقد وصف الله عز وجل السماء في آيات القرآن بأنها بناء،
لا توجد ولا آية واحدة تتحدث عن السماء وتصفها بأنها فضاء، لا..
 إنما دائماً نجد القرآن يستخدم كلمة البناء، يقول تبارك وتعالى:
(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) [ ق: 6]،
{فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك: 3]
ويقول في آية أخرى:
 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) [البقرة: 21-22]، ويقول في آية أخرى:
(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) أي بقوة
(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذاريات: 47]
 هذه الآية تتحدث عن التوسع الكوني الذي ينادي به العلماء اليوم.
وفي آية أخرى يقول تبارك وتعالى:
 (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) [غافر: 64]،
{ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا} [النمل: 61]
*لتستقروا عليها
 ويقول أيضاً مقسِماً بالسماء: (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) [الشمس: 5]، وهكذا آيات كثيرة تأتي دائماً بصيغة البناء لتؤكد لنا أن الكون بناء، وهذا ما وجده العلماء يقيناً في القرن الحادي والعشرين.
وجد العلماء بأن الكون عبارة عن بناء محكم،
ولذلك فالأبحاث الصادرة حديثاً، والتي ينال أصحابها الجوائز عليها، تهدف بالدرجة الأولى الأبحاث الكونية الحديثة إلى اكتشاف بنية الكون، تهدف إلى اكتشاف البناء الكوني.
 وهنا تتجلى معجزة القرآن، فالعلماء عندما أطلقوا على الكون اسم (فضاء) كانوا مخطئين،
واليوم يعدلون عن هذه التسمية إلى ما هو أدق منها فيستخدمون كلمة (البناء) من أجل وصف الكون،
ولكن هذه الكلمة موجودة منذ أكثر من أربعة عشر قرناً في كتاب الله تعالى تبارك وتعالى، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن القرآن الكريم دقيق من الناحية العلمية واللغوية،
فجميع كلماته تأتي مناسبة تماماً للحقيقة الكونية التي يصفها.
ولكن.. ماذا يعني قوله تعالى
(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا) ما معني كلمة (قَرَارًا)،
وكيف نحسُّ بهذا القرار؟
 إننا نعيش على هذه الكرة الأرضية،
 والله تبارك وتعالى زوّد هذه الأرض بحقل للجاذبية
 بحيث أنه يجذبنا إليها في كل لحظة، فنحس بالاستقرار.
إن رواد الفضاء مجرد أن غادروا الغلاف الجوي، وارتفعوا خارج الأرض فإنهم على الفور يفقدون أوزانهم ويحس رائد الفضاء
 وكأنه يسبح في بحر عميق،
فإذا أراد أن يأكل اضطرب لديه نظام الأكل،
لأنه تعود على نظام الجاذبية الأرضية،
وإذا أراد أن ينام لا يستطيع النوم لأنه ليس لديه أرض يستقر عليها وينام عليها، بل إنهم أحياناً يضعون نوابض على رؤوسهم ليضغطوا هذه الرؤوس فيحسّون بشيء من الثقل ليتمكنوا من النوم،
وتضطرب لديهم الذاكرة، وتضطرب لديهم الدورة الدموية،
ونظام عمل القلب يضطرب، وكثير من الأشياء.
كل هذه النعم لم نحس بها إلا بعد أن غادر رواد الفضاء وخرجوا خارج الأرض ووصفوا لنا ما يحسون به،
 وهناك علم قائم بذاته اليوم، يدرس المشاكل التي يسببها فقدان الجاذبية الأرضية،
وهذا العلم يهتم بالدرجة الأولى برواد الفضاء،
وبالناس الذين يمضون فترات طويلة سواء في الفضاء الخارجي أو في الغواصات في أعماق البحار.
ومن هنا ندرك أهمية هذه الجاذبية وأهمية هذا القرار
 وهذا الأمر لم يكن أحد يدركه في زمن نزول القرآن
ولكن الله تبارك وتعالى ذكرنا بهذه النعمة فقال:
(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) [غافر: 64].
لو تأملنا جميع الأبحاث الكونية الصادرة حديثاً، نلاحظ أن هذه الأبحاث تؤكد أن الكون ليس فيه أي فراغ على الإطلاق،
 وهذا ما وصفته لنا الآية في قول الحق تبارك وتعالى:
(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ) [ ق: 6].
في البداية اعتقد علماء الفلك عندما رأوا فجوات في السماء أن الكون يحوي هذه الفجوات العميقة والضخمة جداً،
فأطلقوا عليها اسم (الفجوات الكونية ) أو (الثقوب الكونية ) واعتبروا أنها عبارة عن فراغات لا يوجد فيها أي شيء،
 ولكن بعد أن اكتشفوا المادة المظلمة ماذا وجدوا؟
وجدوا أن هذه الفراغات ليست بفراغات حقيقة،
 إنما تحوي مادة مظلمة غير مرئية تساوي أضعاف ما يحويه الكون من المادة العادية المرئية،
وهنا أيضاً يتجلى القسم الإلهي عندما قال تبارك وتعالى:
(فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ، وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ) [الحاقة: 39]
 إذاً هناك أشياء لا نبصرها وهي أعظم من الأشياء التي نبصرها.
البروج
إذا تأملنا هذه الآية الكريمة
 (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا ) [ ق: 6]
نلاحظ أن الكون فعلاً فيه بناء هندسي رائع، فالعلماء بعدما اكتشفوا النسيج الكوني، يتحدثون عن (حُبُك) موجودة في هذا الكون، يتحدثون عن نسيج محكم يملأ هذا الكون، يتحدثون عن أعمدة كونية،
حتى أنهم اكتشفوا منذ مدة جدران كونية كل جدار يبلغ طوله ملايين السنوات الضوئية، جدار مليء بالنجوم والمجرات
 (جدار كوني) وهنالك أعمدة كونية أيضاً،
وهنالك جسور كونية، وهنا ربما نتذكر قول الحق تبارك وتعالى عندما قال عن نفسه:
(تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ) [الفرقان: 61] فما هي البروج الكونية؟
لقد فسر بعض العلماء هذه الآية على أن البروج الكونية هي: النجوم التي تصطف بطريقة معينة توحي إليهم ببعض الحيوانات مثل الثور والعقرب والجدي وغير ذلك،
فأطلقوا على هذه أسماء البروج وعددها اثنا عشر برجاً،
ولكن تبين للعلماء بعدما اكتشفوا الكون وأسراره والأبعاد بين المجرات والنجوم:
 أن هذه النجوم التي تظهر لنا وكأنها على نفس المستوى، تبين أن هذه النجوم لا علاقة فيما بينها، قد يكون هنالك نجم نرى بجانبه نجماً آخر وقد يكون هذان النجمان بعيدين عن بعضهما جداً، وليس بينهما أي علاقة أو قوى جذب،
 إنما فقط الذي يصلنا هو الإشعاع،
وقد يكون بعض هذه النجوم مات واختفى، وبعضها لا زال موجوداً، فجمعيها الله أعلم بمواقعها الحقيقية.
ولذلك عندما أقسم الله بالنجوم لم يقل:
 (فلا أقسم بالنجوم)
(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) [الواقعة: 75-78].
 إذاً النجوم التي اعتبرها العرب قديماً، وبعض الحضارات القديمة بروجاً، ليست هذه التي يتحدث عنها القرآن،
فعندما قال الله تبارك وتعالى:
 (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا)
 لا يقصد هذه البروج التي لا يوجد أي صفة علمية لها، إنما يقصد الله تبارك وتعالى – والله أعلم – الأبنية الكونية وهي التي ما يتحدث عنها العلماء اليوم.
يتحدث العلماء اليوم عن جدار عظيم بطول 500 مليون سنة ضوئية، ويتحدثون عن جسور كونية هائلة تمتد لمئات الملايين وأحياناً لآلاف الملايين من السنوات الضوئية،
ويتحدثون عن بناء كوني مبهر،
فهنا يتجلى قول الحق تبارك وتعالى:
 (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا )
بل إن الله تبارك وتعالى أقسم بهذه السماء فقال:
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ) [البروج: 1].
إن هذا البناء الكوني، وهذه الأبراج الكونية عظيمة جداً،
 ومع أن العلماء لا يتحدثون اليوم عن بناء متكامل (برج متكامل) إنما يتحدثون عن أعمدة، وجسور، وجدران،
 وقد يكتشفون حديثاً أو بعد مدة أن في الكون أبنية كل بناء يشبه البرج في بناءه وهندسته وارتفاعه،
وسوف يكون بذلك القرآن أول كتاب يتحدث عن هذه الأبنية الكونية العظيمة في قوله تعالى:
(تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ).
اكتشف العلماء حديثاً بناء كونياً عظيماً يبلغ طوله 200 مليون سنة ضوئية،
 ويتألف هذا البناء الذي يدعى Lyman من عدة مجرات تصطف على خطوط تشبه البناء الهندسي الجميل،
 وبين هذه المجرات هناك فقاعات من الغاز الكوني يبلغ قطر كل منها بحدود 400 ألف سنة ضوئية،
 أي ضعفي طول مجرة الأندروميدا!
هذه الفقاعات تشكلت بنتيجة انفجار النجوم،
ويقول العلماء إن هذه الفقاعات سوف تقوم بتشكيل نجوم أخرى لاحقاً.
ويقول الباحث "رويسوكي ياماوتشي" من جامعة توهوكو إن أي جسم بهذا الحجم والكثافة هو نادر الحصول حين تكوّن الكون في الماضي.
ويحاول العلماء اكتشاف المزيد من البنى الكونية،
ولديهم إحساس بأن هذا الكون هو عبارة عن مجموعة من الأبنية الضخمة!
إن هذا البناء تشكل بعد نشوء الكون بـ 2000 مليون سنة،
 وقد تم اكتشاف هذه البنية الضخمة بواسطة تلسكوبي سوبارو وكيك.
اكتشف علماء من أستراليا وتشيلي مجموعة مجرات جديدة تبعد بحدود 10800 مليون سنة ضوئية،
ويقولون إن المجرات التي شاهدوها تمثل شكل الكون
قبل 10800 مليون سنة،
وكما نعلم فإن السنة الضوئية هي ما يقطعه الضوء في سنة كاملة،
 علماً بأن الضوء يسير بسرعة تقدر بـ 300 ألف كيلو متر في الثانية،
وبالتالي يقطع في سنة واحدة 9.5 تريليون كيلو متر،
 أي أن السنة الضوئية هي 9.5 تريليون كيلو متر.
ما هو الهدف من ذكر هذه الحقائق الكونية؟
لماذا ذكر الله تبارك وتعالى حقيقة البناء الكوني:
 هل لمجرد حب المعرفة؟
أم هناك هدفاً عظيماً من وراء هذه الحقيقة؟
يقول تبارك وتعالى مذكراً عباده: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)
 تأملوا معي هذا الخطاب للناس جميعاً مهما كانت عقيدته أو لغته، الخطاب هنا ليس للمؤمنين فحسب بل يشمل الناس جميعاً:
 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [البقرة: 21]
 والسؤال: ما هو الدليل على أن الله تعالى هو قائل هذه الكلمات؟
يأتيك الدليل مباشرة: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا)
 وبالفعل يقول العلماء إن الأرض ممهدة ومفروشة بطريقة دقيقة جداً تصلح للحياة
بعكس القمر مثلاً، القمر غير صالح للحياة على الإطلاق بسبب الفوهات الكثيرة فيه، وبسبب الحفر والجبال والوديان والشقوق التي فيه. ثم يقول تبارك وتعالى في الآية التالية:
 (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا)
أي إذا كنتم في شك من هذا القرآن:
(فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة: 22-23]،
فهذه الحقائق الكونية التي أودعها الله في كتابه هي أصدق دليل في هذا العصر على صدق هذا الكتاب
 وأن الله تعالى قد رتبه بطريقة لا يمكن لأحد أن يأتي بمثلها.
وخلاصة القول:
ذكر القرآن حقيقة البناء الكوني الذي اكتشفه العلماء حديثاً، وذكر حقيقة الجاذبية الأرضية وفائدتها وأهميتها في استقرار البشر، وهي أمر لم يكتشف إلا في العصر الحديث،
وذكر كذلك حقيقة البروج الكونية وهي ما يتحدث عنه العلماء اليوم، وأكد أنه لا فراغات أو فجوات أو فروج في السماء،
وهو ما يؤكده العلماء اليوم...
وهكذا حقائق لا تُحصى تأتي جميعها لتشهد على صدق هذا القرآن وصدق رسالة الإسلام.
ونقول لكل من لم يقتنع بعد بإعجاز القرآن العلمي:
ماذا نسمي هذه الحقائق السابقة؟
هل نسميها إعجازاً أم أنها كلام عادي؟
 عندما يصف القرآن السماء بكلمة (بناء)
 ويأتي العلماء في القرن الحادي والعشرين ليطلقوا الكلمة ذاتها على الكون أي كلمة Building أي (بناء)،
ماذا نقول عن هذا التطابق الكامل؟
هل يمكن لإنسان عاقل أن يصدق أن هذا التطابق جاء بالمصادفة؟! 
إن هذا التطابق هو دليل مادي ملموس على أن القرآن نزل ليكون صالحاً لكل زمن ومكان، وهو صالح لعصرنا هذا ويخاطب علماء العصر بلغتهم: لغة الحقائق العلمية،
 فهل تقتنع معي يا صديقي الملحد بأن هذا القرآن هو الحق؟
 إذاً استمع معي إلى هذا البيان الإلهي العظيم:
 (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ * وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ * وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ)
 [يونس: 37-41].

Unordered List