الأحد، 19 يناير 2014

تفسير سورة البروج

تفسير سورة البروج وهي مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ   ﭚ  ﭛ  ﭜ  ﭝ    ﭞ  ﭟ   ﭠ  ﭡ    ﭢ  ﭣ  ﭤ        ﭥ   ﭦ   ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ  ﭰ   ﭱ  ﭲ       ﭳ  ﭴ  ﭵ  ﭶ  ﭷ  ﭸ  ﭹ  ﭺ  ﭻ   ﭼ  ﭽﭾ  ﭿ  ﮀ  ﮁ     ﮂ  ﮃ  ﮄ 
(ﭑ  ﭒ  ﭓ  )
*** يُقْسِمُ اللَّهُ بِالسَّمَاءِ وَبُرُوجِهَا، وَهِيَ: النُّجُومُ الْعِظَامُ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} [الْفُرْقَانِ: 61] .
 أي: ذات  المنازل المشتملة على منازل الشمس والقمر، والكواكب المنتظمة في سيرها، على أكمل ترتيب ونظام دال على كمال قدرة الله تعالى ورحمته، وسعة علمه وحكمته.
(
ﭕ  ﭖ  ) وهو يوم القيامة، الذي وعد الله الخلق أن يجمعهم فيه،
 ويضم فيه أولهم وآخرهم، وقاصيهم ودانيهم، الذي لا يمكن أن يتغير،
ولا يخلف الله الميعاد.
(
ﭘ     )
***  الشَّاهِدَ مُحَمَّدٌ r
 {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا}
 [النِّسَاءِ: 41]
الشاهد:الانسان
 
وَالْمَشْهُودُ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ.
وَالْمَشْهُودُ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ. {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ}
-وشمل هذا كل من اتصف بهذا الوصف
 أي: مبصر ومبصر،
وحاضر ومحضور،
وراء ومرئي.
والمقسم عليه، ما تضمنه هذا القسم من آيات الله الباهرة، وحكمه الظاهرة، ورحمته الواسعة.
وقيل: إن المقسم عليه قوله
ﭛ  ﭜ  ﭝ    ﭞ  ﭟ   ﭠ  ﭡ    ﭢ  ﭣ  ﭤ        ﭥ   ﭦ   ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ  ﭰ   ﭱ  ﭲ       ﭳ  ﭴ  ﭵ  ﭶ  ﭷ  ﭸ  ﭹ  ﭺ  ﭻ   ﭼ  ﭽﭾ  ﭿ  ﮀ  ﮁ     ﮂ  ﮃ  ﮄ
 (ﭛ  ﭜ  ) وهذا دعاء عليهم بالهلاك.
و (
ﭝ    ) الحفر التي تحفر في الأرض.
وكان أصحاب الأخدود هؤلاء قومًا كافرين، ولديهم قوم مؤمنون، فراودوهم للدخول في دينهم، فامتنع المؤمنون من ذلك،
 فشق الكافرون أخدودًا  في الأرض ، وقذفوا فيها النار، وقعدوا حولها، وفتنوا المؤمنين، وعرضوهم عليها،
فمن استجاب لهم أطلقوه، ومن استمر على الإيمان قذفوه في النار،
 وهذا في غاية المحاربة لله ولحزبه المؤمنين،
***صحيح مسلم
 (3005) عَنْ صُهَيْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ rقَالَ: " كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ، قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ، فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ، إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ، فَأَعْجَبَهُ
 فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ،
فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ،
فَقَالَ: إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي،
وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ،
فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ،
فَقَالَ: الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟ فَأَخَذَ حَجَرًا، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ، حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا،
وَمَضَى النَّاسُ، فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ،
 فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ،
 وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ،
 وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ،
فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ، إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي،
فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللهُ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللهِ دَعَوْتُ اللهَ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ بِاللهِ فَشَفَاهُ اللهُ،
فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ،
فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟
قَالَ: رَبِّي، قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟
قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ
فَجِيءَ بِالْغُلَامِ،
فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ،
 وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ،
 فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللهُ،
فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ،
 فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ،
 فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى،
 فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ، فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ،
 فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ،
ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ،
فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ،
فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ،
 ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ،
 فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ،
فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ،
فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ،
 فَقَالَ: اللهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمِ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا،
 وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟
 قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللهُ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ،
فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ، فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ،
 فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ،
فَقَالَ: اللهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَانْكَفَأَتْ بِهِمِ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا،
 وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟
 قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللهُ، فَقَالَ لِلْمَلِكِ:
إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟
 قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ،
 ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ،
 ثُمَّ قُلْ: بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي،
 فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي،
فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ،
 ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ،
ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، رَبِّ الْغُلَامِ،
 ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ،
 فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟
 قَدْ وَاللهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ،
فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ،
وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ:
اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ "
ش (الأكمه) الذي خلق أعمى
 (بالمئشار) مهموز في رواية الأكثرين ويجوز تخفيف الهمزة بقلبها ياء وروى المنشار بالنون وهما لغتان صحيحتان
(ذروته) ذروة الجبل أعلاه وهي بضم الذال وكسرها
(فرجف بهم الجبل) أي اضطرب وتحرك حركة شديدة
(قرقور) القرقور السفينة الصغيرة وقيل الكبيرة واختار القاضي الصغيرة بعد حكايته خلافا كثيرا (فانكفأت بهم السفينة) أي انقلبت
(صعيد) الصعيد هنا الأرض البارزة
 (كبد القوس) مقبضها عند الرمي
(نزل بك حذرك) أي ما كنت تحذر وتخاف
 (بالأخدود) الأخدود هو الشق العظيم في الأرض وجمعه أخاديد
 (أفواه السكك) أي أبواب الطرق
(فأحموه فيها) هكذا هو في عامة النسخ فأحموه بهمزة قطع بعدها حاء ساكنة ونقل القاضي اتفاق النسخ على هذا ووقع في بعض نسخ بلادنا فأقحموه بالقاف وهذا ظاهر ومعناه اطرحوه فيها كرها ومعنى الرواية الأولى ارموه فيها من قولهم أحميت الحديدة وغيرها إذا أدخلتها النار لتحمى
(فتقاعست) أي توقفت ولزمت موضعها وكرهت الدخول في النار]
ولهذا لعنهم الله وأهلكهم وتوعدهم فقال:
 ( قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ ) ثم فسر الأخدود بقوله:
 (ﭟ   ﭠ  ﭡ    ﭢ  ﭣ  ﭤ        ﭥ   ﭦ     )
 وهذا من أعظم ما يكون من التجبر وقساوة القلب،
 لأنهم جمعوا بين :-
1-الكفر بآيات الله و معاندتها،
2-و محاربة أهلها و تعذيبهم بهذا العذاب، الذي تنفطر منه القلوب،
3- و حضورهم إياهم عند إلقائهم فيها،
* الميسر : إذ هم قعود على الأخدود ملازمون له،
(ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  )
*الميسر:وهم على ما يفعلون بالمؤمنين من تنكيل وتعذيب حضورٌ
ﭯ  ﭰ   ﭱ  ﭲ       ﭳ  ﭴ  ﭵ 
والحال أنهم ما نقموا من المؤمنين إلا خصلة يمدحون عليها، وبها سعادتهم، وهي أنهم كانوا يؤمنون بالله
* أيسر التفاسير: أي ما عابوا أي شيء سوى إيمانهم بالله تعالى.
 ﭶ  ﭷ  أي: الذي له العزة التي قهر بها كل شيء،
 وهو حميد في أقواله وأوصافه وأفعاله.
(
ﭹ  ﭺ  ﭻ   ﭼ  ﭽ  )
 خلقًا وعبيدًا، يتصرف فيهم تصرف المالك بملكه ،
 (ﭿ  ﮀ  ﮁ     ﮂ  ﮃ  )
علمًا وسمعًا وبصرًا، أفلا خاف هؤلاء المتمردون على الله، أن يبطش بهم العزيز المقتدر، أو ما علموا أنهم جميعهم مماليك لله ،
 ليس لأحد على أحد سلطة، من دون إذن المالك؟
أو خفي عليهم أن الله محيط بأعمالهم، مجاز لهم على فعالهم ؟
كلا إن الكافر في غرور، والظالم في جهل وعمى عن سواء السبيل.
ثم وعدهم، وأوعدهم، وعرض عليهم التوبة، فقال:
ﮅ  ﮆ   ﮇ  ﮈ  ﮉ  ﮊ  ﮋ  ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ   ﮑ  ﮒ    ﮓ  ﮔ  ﮕ  ﮖ  ﮗ  ﮘ  ﮙ   ﮚ  ﮛ  ﮜ  ﮝ  ﮞﮟ  ﮠ  ﮡ  ﮢ        ﮣ  ﮤ  ﮥ   ﮦ  ﮧ   ﮨ  ﮩ  ﮪ   ﮫ    ﮬ  ﮭ  ﮮ     ﮯ         ﮰ   ﮱ   ﯓ     ﯔ  ﯕ   ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ    ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ   ﯟ 
ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ  ﯥ       ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﯩ  ﯪ   ﯫ   ﯬ   ﯭ
  ﯮ  ﯯ     ﯰ  ﯱ  ﯲ  ﯳ  ﯴ  ﯵ  ﯶ
 (ﮅ  ﮆ   ﮇ  ﮈ  ﮉ  ﮊ  ﮋ  ﮌ  )
ﮇ  أي: العذاب الشديد المحرق.
قال الحسن رحمه الله: انظروا إلى هذا الكرم والجود:
 هم قتلوا أولياءه وأهل طاعته، وهو يدعوهم إلى التوبة.
ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ   ﮑ  ﮒ  
*** وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ
ولما ذكر عقوبة الظالمين، ذكر ثواب المؤمنين، فقال:
 (ﮔ  ﮕ  ﮖ  ) بقلوبهم
 (ﮗ  ﮘ  ) بجوارحهم
(ﮙ   ﮚ  ﮛ  ﮜ  ﮝ  ﮞ  ﮠ  ﮡ  ﮢ)
 الذي حصل به الفوز برضا الله ودار كرامته.
(
ﮤ  ﮥ   ﮦ  ﮧ   )
 أي: إن عقوبته لأهل الجرائم والذنوب العظام  لقوية  
{ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}
 [هود: 102]
(
ﮩ  ﮪ   ﮫ    ﮬ  )
 أي: هو المنفرد بإبداء الخلق وإعادته، فلا مشارك له في ذلك ،
 (ﮮ     ﮯ         )
الذي يغفر الذنوب جميعها لمن تاب، ويعفو عن السيئات لمن استغفره وأناب.
(
ﮰ   )
 الذي يحبه أحبابه محبة لا يشبهها شيء
 فكما أنه لا يشابهه شيء في صفات الجلال والجمال، والمعاني والأفعال،
فمحبته في قلوب خواص خلقه، التابعة لذلك، لا يشبهها شيء من أنواع المحاب،
 ولهذا كانت محبته أصل العبودية، .
وهي المحبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها،
وإن لم يكن غيرها تبعًا لها، كانت عذابًا على أهلها،
وهو تعالى الودود، الواد لأحبابه، كما قال تعالى:
{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]
 والمودة هي المحبة الصافية،
وفي هذا سر لطيف، حيث قرن ( الودود ) بالغفور:-
 ليدل ذلك على أن أهل الذنوب إذا تابوا إلى الله وأنابوا، غفر لهم ذنوبهم وأحبهم،
فلا يقال: بل تغفر ذنوبهم، ولا يرجع إليهم الود، كما قاله بعض الغالطين.
*صحيح البخاري
6308 -عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ rوَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ، قَالَ:
 «إِنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ»
 فَقَالَ بِهِ هَكَذَا، قَالَ أَبُو شِهَابٍ: بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ ثُمَّ قَالَ:
" لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ،
فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ،
حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الحَرُّ وَالعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ،
قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي، فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ،
 فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ
 (الآخر عن نفسه) أي لم يروه عن النبي rوهو قوله إن المؤمن.
 (أن يقع عليه) المعنى أنه يخاف ألا ينجو من الهلاك كما لو كان جبل سيسقط عليه.
 (الفاجر) العاصي والفاسق.
 (كذباب مر على أنفه) كناية عن عدم اكتراثه بالذنب
(أفرح) أكثر رضا وقبولا.
 (منزلا) مكانا.
 (مهلكة) أسباب الهلاك من فقد الطعام والشراب مع بعد المسافة.
 (أرجع إلى مكاني) أي وقد يئس واستسلم للمهالك]
 وهذا أعظم فرح يقدر.
فلله الحمد والثناء، وصفو الوداد، ما أعظم بره، وأكثر خيره، وأغزر إحسانه، وأوسع امتنانه
(ﯓ     ﯔ  )
 أي: صاحب العرش العظيم، الذي من عظمته، أنه وسع السماوات والأرض والكرسي، فهي بالنسبة إلى العرش كحلقة ملقاة في فلاة، بالنسبة لسائر الأرض،
* مختصر العلو للعلي العظيم للذهبي-تحقيق الالباني
105- حديث أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ rقَالَ:
"يَا أَبَا ذَرٍّ مَا السَّمَوَاتُ عِنْدَ الْكُرْسِيِّ إِلا كَحَلَقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلاةِ عَلَى الْحَلَقَةِ".
 وخص الله العرش بالذكر، لعظمته، ولأنه أخص المخلوقات بالقرب منه تعالى، وهذا على قراءة الجر، يكون
(ﯕ   )
 نعتا للعرش، وأما على قراءة الرفع، فإن المجيد نعت لله ، والمجد سعة الأوصاف وعظمتها.
(
ﯗ  ﯘ  ﯙ    )
أي: مهما أراد شيئًا فعله، إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون،
 وليس أحد فعالا لما يريد إلا الله.
فإن المخلوقات، ولو أرادت شيئًا، فإنه لا بد لإرادتها من معاون وممانع،
والله لا معاون لإرادته، ولا ممانع له مما أراد.
ثم ذكر من أفعاله الدالة على صدق ما جاءت به رسله، فقال:
 (ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ   ﯟ  ﯠ  ﯡ  )
 وكيف كذبوا المرسلين، فجعلهم الله من المهلكين.
*** هَلْ بَلَغَكَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ بِهِمْ مِنَ الْبَأْسِ،
 وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ النِّقْمَةِ الَّتِي لَمْ يَرُدَّهَا عَنْهُمْ أَحَدٌ؟.
وَهَذَا تَقْرِيرٌ لِقَوْلِهِ: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}
 أَيْ: إِذَا أَخَذَ الظَّالِمَ أَخَذَهُ أَخْذًا أَلِيمًا شَدِيدًا، أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.
(
ﯣ  ﯤ  ﯥ       ﯦ  ﯧ  )
 أي: لا يزالون مستمرين على التكذيب والعناد،
 لا تنفع فيهم الآيات، ولا تجدي لديهم العظات.
(
ﯩ  ﯪ   ﯫ   ﯬ   )
أي: قد أحاط بهم علمًا و قدرة، كقوله:
{ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14]
ففيه الوعيد الشديد للكافرين، من عقوبة من هم في قبضته، وتحت تدبيره.
(
ﯮ  ﯯ     ﯰ  ﯱ  ) أي: وسيع المعاني عظيمها، كثير الخير والعلم.
(
ﯳ  ﯴ  ﯵ  )
 من التغيير والزيادة والنقص، ومحفوظ من الشياطين،
وهو: اللوح المحفوظ الذي قد أثبت الله فيه كل شيء.
وهذا يدل على جلالة القرآن وجزالته، ورفعة قدره عند الله تعالى، والله أعلم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Unordered List